الوقائع التالية تعرض التغطية الإعلامية لحدث فض اعتصامى رابعة والنهضة ولكن كل ما يرد فى هذا المقال من وحى الخيال ولم يحدث.. للأسف.
الأربعاء 14/8 الساعة 6:15 صباحا
تلفزيون القناة الأولى يقطع برنامج تمرينات الصباح ويعلن أن عمليات فض الاعتصامات فى ميدانى رابعة والنهضة بدأت فى تمام الساعة السادسة، وأن التليفزيون سينتقل إلى غرفة أزمات مجلس الوزراء ليتابع الموقف أولا بأول. بعد دقيقتين قطعت كل القنوات الفضائية إرسالها وانتقلت لتنقل ما يدور فى غرفة الأزمات.
الساعة 6:20 صباحا
ظهرت منصة عليها 4 أشخاص: المتحدث الرسمى لمجلس الوزراء والمتحدث الرسمى لوزارات الداخلية والخارجية والصحة. ظهرت فى الخلفية شاشتان عملاقتان الأولى تعرض الوضع فى ميدان النهضة والثانية تنقل الوضع فى ميدان رابعة. وفيما يلى ملخص ما ذكره المتحدثون الأربعة:
• بدء عمليات فض الاشتباكات فى الميدانيين من خلال محاصرة جميع المداخل بقوات الشرطة، وتوجيه إنذار بمكبرات الصوت للمعتصمين بإخلاء الميدان ومناشدتهم بالخروج الفورى وإلا سيتم إطلاق القنابل المسيلة للدموع. كما تم توجيه نصائح بالخروج الفورى لكل الأطفال والنساء حفاظا على حياتهم وعلى أية مخاطر صحية قد تسببها القنابل المسيلة للدموع.
• التأكيد على عدم وجود أية نية لفض الاشتباك بالقوة ولا لاستخدام أية وسائل للفض يحرمها القانون الدولى.
•مناشدة قيادات الإخوان المسلمين عدم الزج بأنصارهم فى مواجهة استشهادية، والتأكيد على أن الدولة المصرية تفسح المجال للحوار حفاظا على أرواح المصريين مهما كان انتماؤهم السياسى والتأكيد على أن الحكومة مسئولة عن سلامة جميع المصريين.
• الإعلان عن أن هناك لقاء آخر سيتم بعد ساعتين لإحاطة المجتمع المصرى والمجتمع الدولى بتطورات الأحداث بكل شفافية.
• دعوة كل الإعلاميين للحضور إلى المؤتمرات الصحفية الدورية التى ستتم لإحاطة الرأى العام أولا بأول بتطور الأحداث مع التأكيد على أن هذه الدعوة تشمل أيضا المراسلين الأجانب وأنه سيتم توفير ترجمة فورية فى المؤتمرات الصحفية لتسهيل مهمتهم فى رصد الحدث.
الساعة 9:00 صباحا
انتقلت القنوات التليفزيونية إلى غرفة إدارة الأزمة مرة أخرى، وبدت القاعة مكتظة بالمراسلين المصريين والأجانب وظهر فى نهاية القاعة عدد كبير من كاميرات التليفزيون التى تزاحمت لنقل المشهد. وظهرت المجموعة الإعلامية المختصة بإدارة الأزمة لتعلن ما يلى:
• تقدير الموقف فى كل من ميدانى النهضة ورابعة العدوية من حيث عدد المعتصمين ومدى إمكانية إحكام السيطرة على كل مداخل الميدانين، مع عرض خريطة لكل ميدان على الشاشة المخصصة لذلك يبين المتاريس والأسوار الأسمنتية والرملية التى أقامها المعتصمون.
• الاستعدادات الطبية التى وفرتها وزارة الصحة من مستشفى ميدانى قريب وسيارات إسعاف لعلاج أية إصابات قد تحدث بين المعتصمين أو بين أفراد الشرطة.
• عرض صوتى مسجل وعرض حى للإنذارات التى تم توجيهها للمعتصمين فى الميدانيين، وصور حية لخروج بعض المعتصمين.
• انتهاء المهلة لخروج المعتصمين الساعة العاشرة صباحا بعد مضى ثلاث ساعات على أول إنذار.
• توفير دوريات لتأمين تواجد الإعلاميين وممثلى الجمعيات الحقوقية وجمعيات حقوق الإنسان فى المناطق التى لا تشكل خطورة عليهم لتسهيل قيامهم بعملهم دون تعريض سلامتهم للخطر.
• عرض صور تم التقاطها لمعتصمين مسلحين والتأكيد على أن القوات التى تقوم بفض الاعتصامات تلتزم بأقصى درجات ضبط النفس وتهيب بقيادات الإخوان إصدار التعليمات للمعتصمين بعدم استخدام السلاح حفاظا على الأرواح.
انهالت أسئلة الصحفيين والمراسلين المصريين والأجانب وتم الإجابة على جميع الأسئلة بشفافية إلا ما كان يتعلق بتفاصيل تكتيك فض الاشتباكات، وكان التعامل مع الحضور يتسم بقدر عال من الثقة ومن الاحترام حتى لممثلى بعض القنوات التى وجهت أسئلة اعتبرها البعض استفزازية.
الساعة 2:00 ظهرا
انتقلت القنوات التليفزيونية إلى غرفة إدارة الأزمة للمرة الرابعة، وظهرت المجموعة الإعلامية المختصة بإدارة الأزمة وقد بدا على وجوههم الإرهاق مع احتفاظهم بقدر كبير من الثقة وأعلنوا ما يلى:
• انتهاء فض اعتصام ميدان النهضة مع وقوع إصابات محدودة وقد تم تقديم الإسعافات الأولية لهم وعدم وقوع خسائر فى الأرواح.
• عدم استجابة معتصمى رابعة للمغادرة على الرغم من مد أجل الإنذار إلى الساعة الثانية عشرة ظهرا.
• بدأت محاولة إجلاء المعتصمين باستخدام خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع وقد قوبلت هذه المحاولات بإطلاق نار حى من بعض المعتصمين على قوات الأمن مما نتج عن مقتل اثنين على الأقل وإصابة ثمانية.
• فى ضوء إطلاق المعتصمين للأسلحة النارية على قوات الأمن فقد تم السماح لها باستخدام القوة فى فض الاعتصامات مع ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وعدم استخدام السلاح إلا للدفاع عن النفس.
• التأكيد على مسئولية وزارة الصحة فى تقديم خدمات الإسعاف لكل المصابين باعتبارها مسئولة عن صحة كل المصريين.
• تجديد الدعوة لقيادات الإخوان المسلمين لحث مؤيديها من المعتصمين فى ميدان رابعة على عدم استخدام السلاح حقنا للدماء.
• عرض فيلم يوضح سير العمليات فى ميدان رابعة يظهر صور الجنود القتلى والمصابين وصور للمعتصمين الذين قاموا بتوجيه النيران وصور خروج جزء من المعتصمين من خلال المسارات المخصصة للخروج السلمى.
• استمرت عملية الإجابة عن الأسئلة قرابة الساعة وظهر فى المؤتمر عدد من المراسلين الأجانب الذين وفدوا إلى مصر خصيصا فور اندلاع الأحداث صباح اليوم.
• الإعلان عن موقع إلكترونى باللغة العربية والإنجليزية يوثق كل الإجراءات والنداءات التى تم توجيهها والأفلام والصور التى تم التقاطها ويتم تحديث بياناته تباعا ويمكن الرجوع إليه من أى مكان فى العالم لمعرفة ما يدور بشفافية كاملة.
• فى حالة فرض حظر التجوال وهو أمر تدرسه الحكومة حاليا وحرصا على تحقيق التواصل مع وسائل الإعلام، فسيتم بث المؤتمر الصحفى القادم عبر الموقع الإلكترونى وترحب غرفة العمليات بتلقى أسئلة الإعلاميين والإجابة عنها من خلال وسائل التواصل الاجتماعى.
أحد المكونات المهمة فى إدارة الأزمات هو التعامل الإعلامى، وفى ملف فض الاعتصامات أظنه لم يكن مجرد مكون هام بل كان المكون الأهم. لو كان سيناريو التحرك الإعلامى قد نال نصيبا من الاهتمام لكان الوضع الحالى مختلفا. يُقال أن الانطباع الأول هو الانطباع الذى يسود وأضيف أنه فى إدارة الأزمات فإن تغيير الانطباع الأول تكلفته باهظة حتى لو كان منافيا للحقيقة.
ومع التسليم بصعوبة الأزمة الحالية وتعقيداتها، إلا أن الاهتمام بملف التواصل الإعلامى كان يجب أن يكون فى بؤرة الاهتمام، وأتمنى ألا يغيب ذلك عن فكر الحكومة وأن يترجم ذلك فى آليات عمل، فقدرها أنها تعمل فى مناخ عامر بالأزمات.
الشروق