عزيزى القارئ، شعرت بالصدمة عندما علمت من الجهاز المركزى للتعئبة العامة والإحصاء أن كل الإحصائيات التى يطلقها بعض وسائل الإعلام ومواقع السوشيال ميديا من آن لآخر عن نسبة الطلاق فى مصر غير صحيحة، حيث تم الإعلان أكثر من مرة أن هناك حالة طلاق كل 4 دقائق.
كما تم النشر فى أكثر من موقع أن هناك 15 مليون طفل فى المحاكم بسبب قانون الأحوال الشخصية الحالى الذى هو سبب دمار الأسرة المصرية، وللأسف يتم تناقل هذه البيانات المغلوطة من قبل بعض وسائل الإعلام دون تحرى الدقة ودون الرجوع للمصادر الرسمية.
مع العلم أن مصدر أى معلومات صحيحة هو الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فهو الجهاز الحكومى المسؤول عن إصدار إحصائيات موثقة تلبى احتياجات مراكز الأبحاث والباحثين وأجهزة الدولة لأى معلومات وفقاً للمعايير الدولية، فضلاً عن أن الإحصائيات التى ينشرها المركز المصرى لبحوث الرأى العام «بصيرة» يستند فيها على أرقام وإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء كمصدر موثوق.
فلمصلحة من الإساءة لسمعة مصر وإظهار الأسرة المصرية مفككة؟ فما يتم تداوله نجده يتصدر فى بعض مانشيتات الإعلام الأجنبى بأن مصر تتصدر نسب الطلاق فى العالم، فمركز «بصيرة» صرح بأنه طبقاً لتعداد مصر السكانى لعام 2017 رصد نسبة الطلاق للإناث فقط بنسبة 1.6% بعدد 460 ألف مطلقة خلال عام 2017، كما أوضح التعداد أيضاً أن نسبة الطلاق بين المصريين 21% (لأن عدد حالات الزواج فى عام 2017 هى 913 ألف حالة زواج، أما عدد حالات الطلاق فكانت 198 ألف حالة).
وبالرجوع لوضع مصر عالمياً وترتيبها من حيث عدد حالات الطلاق فإنه طبقًا لموقع «unified lawyers»، وهو أحد المواقع العالمية الذى استطرد لقضية الطلاق بالإحصائيات على مستوى العالم، كشف أن مصر تعد الدولة العربية الوحيدة من ضمن 10 دول على مستوى العالم فى قائمة الدول الأقل نسبة طلاق، فتحتل مصر المرتبة السادسة بنسبة 17% فى هذه القائمة وذلك فى عام 2017، وتتصدر دولة الهند قائمة الدول الأقل نسبة طلاق بنسبة تقدر بـ1%، تليها شيلى فى المركز الثانى بنسبة 3% وكولومبيا بنسبة 9% تليها المكسيك وكينيا 15% لكل منهما ثم جنوب أفريقيا 17%.
كما يكشف نفس الموقع أن دولة لوكسمبرج تتصدر القائمة عالميًا فى ارتفاع نسبة الطلاق بنسبة 87%، وتليها إسبانيا بنسبة 65% وفرنسا 55% وروسيا 51% والولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 46%، فها هى الدول المتقدمة تأتى فى مقدمة البلاد الأكثر نسبة فى ارتفاع معدلات الطلاق، مع العلم أن هذه النسب فقط على من قرروا الزواج رسمياً فى هذه الدول، ورغم ذلك دائمًا ما نشيد بكيانات هذه الدول ونطالب بالمعاملة بالمثل فى علاقاتها الأسرية!.
ومن جانب آخر لمصلحة من الذى يصرح بأن 12مليون طفل بين أروقة محاكم الأسرة وأن ذلك بسبب قانون الأحوال الشخصية الحالى؟ فهذه الأرقام مجهولة المصدر، فوفقًا لتعداد مصر السكانى 2017 فإن عدد الأطفال أقل من 15 سنة 30 مليون طفل، فهل يعقل أن نصف الأطفال فى المحاكم؟! فمن البديهى أن هذه الأرقام لا تمت للواقع بصلة، وكشفت نفس الموقع أن عدد الأطفال أقل من 15 سنة والذين يعيشون مع الأم فقط والأب على قيد الحياة 778 ألف طفل، بينما 162 ألف طفل يعيشون مع الأب والأم على قيد الحياة، وأن هذه الأرقام تصل نسبتها إلى 3% من إجمالى الأطفال تحت سن 15 سنة فى مصر.
فهذه الأرقام التى يتم إطلاقها هى حملة موجهة لضرب كيان الأسرة المصرية ويسهم فى ذلك بعض وسائل الإعلام وبعض مواقع السوشيال ميديا التى تخدعنا، وذلك للتدليل بأن هناك ضرورة لتغيير قانون الأحوال الشخصية الذى أدى إلى ارتفاع معدلات الطلاق ووجود ملايين الأطفال فى المحاكم وكلها أرقام كاذبة ومجهولة المصدر، تخفى خلفها رغبة قوية فى بث الفرقة وطعن الدولة فى مكمن قوتها وهو «الكيان الأسرى».
فهل صدمت عزيزى القارئ بعد ما أدركت بالأرقام الرسمية أن بعض وسائل الإعلام ومواقع السوشيال ميديا تخدعنا وتشوه صورة الأسرة المصرية وتظهرها كأنها مفككة، مما يترتب عليه ترهيب الشباب من الإقدام على خطوة الزواج خوفًا من الفشل ومن اللجوء إلى الطلاق والمحاكم، أو استسهال عملية الطلاق لدى البعض من المتزوجين وكأنه أمر عادى.
وفى النهاية عزيزى القارئ كمواطنة مصرية أحب بلدى أشدد على ضرورة استخدام الإعلام المعلومات والأرقام الصحيحة وإلا تحول إلى أداة تهدم الروح المعنوية للشعب المصرى وزعزعة مكانة مصر عالميًا، فالطلاق فى مصر ليس شائعا كما هو مروج من قبل البعض.
* خبيرة دولية فى قضايا النوع الاجتماعى والتنمية الاجتماعية
المصرى اليوم