أقر مجلس الشورى قانون الانتخابات فى صورته النهائية. وتطبيق القانون بصورته الراهنة يعكس عدم عدالة فى توزيع مقاعد مجلس النواب على المحافظات. وقد أجرى المركز المصرى لبحوث الرأى العام (بصيرة) دراسة حول توزيع المقاعد على المحافظات المختلفة، وقد أظهرت الدراسة أن متوسط عدد الناخبين لكل مقعد فى مجلس النواب يبلغ حوالى ١٠٠ ألف ناخب لكل مقعد، وهناك تفاوت بين المحافظات لصالح المحافظات الحدودية قليلة السكان وهو تفاوت له مبرراته لضمان تمثيل هذه المحافظات فى المجلس، ولكن هناك تفاوتات غير مقبولة تتمثل فى عدد من المحافظات يصل فيها متوسط عدد الناخبين لكل مقعد إلى أكثر من ١٤٠ ألف ناخب وهى محافظات القليوبية (١٤٤ ألف ناخب لكل مقعد) وأسوان (١٤٢ ألف ناخب لكل مقعد) والجيزة (١٤٢ ألف ناخب لكل مقعد). وفى المقابل يتراوح هذا المؤشر بين ٦٠ ألف ناخب لكل مقعد و٨٠ ألف ناخب لكل مقعد فى محافظات السويس ودمياط وبورسعيد وسوهاج وبنى سويف.
ويوضح العمود الرابع من الجدول التفاوت بين المحافظات الذى يعكس عدداً من المفارقات ومنها:
■ محافظة الجيزة تحتل المركز الثانى من حيث عدد الناخبين (٤.٣ مليون ناخب) وهى ممثلة فى المجلس بـ٣٠ مقعداً فى حين أن محافظة الدقهلية بها عدد أقل من الناخبين (٣.٧ مليون ناخب) ومخصص لها عدد أكبر من المقاعد (٣٦ مقعداً).
■ محافظة الإسكندرية التى تضم رابع أكبر عدد من الناخبين (٣.٣ مليون ناخب) مخصص لها ٢٤ مقعداً فى حين أن الغربية بها عد أقل من الناخبين (٢.٩ مليون) ومخصص لها ٣٠ مقعداً. ونفس الشئ ينطبق على البحيرة وسوهاج اللتين يقل عدد الناخبين بكل منهما عن عدد ناخبى الإسكندرية فى حين أن كلاً منهما لها ٣٠ مقعداً.
■ محافظة القليوبية بها ٢.٦ مليون ناخب ولها ١٨ مقعداً فى حين أن محافظة سوهاج بها عدد أقل من الناخبين يبلغ ٢.٣ مليون ناخب ولها ٣٠ مقعداً بزيادة ١٢ مقعداً عن القليوبية.
■ محافظة أسوان بها ٨٥٣ ألف ناخب ولها ٦ مقاعد فى حين أن عدد الناخبين يقل قليلاً فى محافظة دمياط (٨٤٩ ألف ناخب) ولها ١٢ مقعداً أى ضعف عدد المقاعد المخصصة لأسوان.
هذه التفاوتات تدعو إلى إعادة التفكير فى توزيع المقاعد على المحافظات لضمان التمثيل العادل لسكان كل محافظة. ومفهوم العدالة المقترح تطبيقه هو أن تحصل أى محافظة على عدد مقاعد يفوق أو يساوى أى محافظة أخرى أقل منها من حيث عدد الناخبين. وبمعنى آخر لن تحصل محافظة على عدد أكبر من المقاعد التى حصلت عليها محافظة أخرى إذا ما كانت المحافظة الأولى بها عدد أقل من الناخبين، وهو الحد الأدنى من عدالة التوزيع الذى يجب أن يضمنه المشرع.
أما ما لا يمكن إدراكه لأسباب عملية فهو أن يكون عدد الناخبين لكل مقعد متساوياً فى كل المحافظات لأن ذلك سيرفع عدد أعضاء مجلس النواب ليصل إلى عدة آلاف وتفصيل ذلك فيما يلى:
■ إذا ما طبقنا قاعدة الثلث للمقاعد الفردية والثلثين للقائمة والحفاظ على نسبة الـ٥٠% «عمال وفلاحين» فإن الحد الأدنى لأى محافظة يكون ٦ مقاعد.
■ أقل محافظة من حيث عدد الناخبين هى جنوب سيناء وبها ١٠ آلاف ناخب لكل مقعد.
■ لتحقيق المعدل نفسه فى كل محافظة يلزم أن يكون عدد النواب فى المجلس ٥ آلاف نائب.
ويتضمن الجدول مقترحين كل منهما يُزيل التناقضات السالف الإشارة إليها، ويزيد من درجة العدالة فى توزيع مقاعد مجلس النواب على المحافظات:
■ المقترح الأول يُعيد توزيع المقاعد بحيث يُخفض عدد المقاعد الخاصة بمحافظات الدقهلية وسوهاج ودمياط ويزيد من مقاعد الجيزة والإسكندرية والقليوبية دون أن يُغير من إجمالى مقاعد المجلس الحالية وعددها ٤٩٨ مقعداً. وهذا السيناريو يقضى على التناقضات السابق الإشارة إليها.
■ المقترح الثانى يعيد توزيع المقاعد بحيث يخفض عدد المقاعد الخاصة بمحافظتى الدقهلية وسوهاج ويزيد من مقاعد الجيزة والإسكندرية والقليوبية وأسوان مع زيادة عدد مقاعد المجلس إلى ٥١٠ أى بزيادة ١٢ مقعداً. وهذا السيناريو يقضى على كل التناقضات السابق الإشارة إليها مع تحقيق تجانس أكبر بين المحافظات من حيث عدد الناخبين لكل مقعد، ليكون الحد الأعلى لهذا المؤشر ١٢٣ ألف ناخب لكل مقعد بدلا من ١٤٢ ألف ناخب لكل مقعد.
المقترحان يحققان قدراً أكبر من العدالة مقارنة بالوضع الحالى، المقترح الثانى أفضل من الأول من حيث درجة عدالة التوزيع الجغرافى لمقاعد مجلس النواب، ولكن يتطلب زيادة عدد أعضاء المجلس بـ ١٢ مقعداً. نضع هذه المقترحات أمام المشرع فى حالة إعادة النظر فى قانون انتخابات مجلس النواب.
المصري اليوم