,على مائدة إفطار دعا إليها الوزير سامح شكرى، أمس الأول، قال الدكتور مصطفى الفقى، إن الذهاب إلى التحكيم الدولى يظل أفضل الحلول فى موضوع الجزيرتين، وأن الحكم إذا جاء ساعتها بسعودية الجزيرتين، وهذا هو الغالب، فسوف يتقبله المصريون تماماً، وسوف يكون يقينهم عندئذ، أن التحكيم الذى أعاد لهم طابا، هو ذاته الذى فصل فى تيران وصنافير، ولن نكون بالتالى أمام أى مشكلة.
لقد أجرى مركز بصيرة لاستطلاعات الرأى استطلاعاً فى الشارع، تبين منه أن ١١ فى المائة من المصريين يؤمنون بسعودية الجزيرتين، وأن ٤٧ فى المائة يؤمنون بالعكس!
وإذا سألتنى عن رأيى، فسوف أقول لك إنى من بين ال١١ فى المائة، وسأذكر السبب حالاً، ومع ذلك فإننى أدعو إلى احترام رأى الـ٤٧ فى المائة، ولا سبيل إلى احترام رأيهم إلا بالأخذ باقتراح الدكتور الفقى، لأنه اقتراح يضع المسألة برمتها أمام طرف محايد، ويقضى فى الوقت نفسه على هذا الانقسام الحاد الذى يشهده كل بيت مصرى، ويصحو وينام عليه!
إن الإخوة فى المملكة لن يرضيهم انقسام حاد فى البلد، من نوع ما هو حاصل، وبكل ما يمكن أن يكون له من تأثير على مدى تماسك النظام الحاكم، وأظن أن الذهاب للتحكيم الدولى سوف يكون مُرضياً لهم تماماً، لأنهم واثقون من موقفهم القانونى، ولو لم تكن الجزيرتان لهم ما طالبوا بهما فى الأصل، فالقضية قانونية فى الأساس، غير أن سوء الأداء فيها من جانبنا، من أول لحظة فيها، قد حولها من قضية فنية مجردة يحكم فيها أهل التخصص وحدهم، إلى قضية سياسية يحكم فيها الشارع بعاطفته، لا بعقله!
أما إيمانى بسعودية الجزيرتين فيعود إلى أن الرئيس قال عندما تحدث عنهما للمرة الأولى فى إبريل الماضى، عقب زيارة خادم الحرمين للقاهرة، إنه كرئيس للدولة عاد إلى ثلاث جهات على وجه التحديد، وأن هذه الجهات هى الجيش، والمخابرات، والخارجية، وأنها جميعاً أبلغته بأن الجزيرتين سعوديتان.
أستبعد من ناحيتى وزارة الخارجية مؤقتاً، لأنها تشتغل سياسة، ويمكن أن يكون رأيها موضع خلاف، وأتوقف أمام الجيش والمخابرات، لأقول إن رأيهما مادام هكذا، فإننى أؤيده، وأقف وراءه، وأثق فيه، لأنى أثق فيهما ثقة كاملة أولاً، ولأنى على يقين من أنهما لن يغشا الرئيس، ولن يفرطا فى ذرة تراب واحدة.
إن الكرة الآن فى ملعب الرئيس، وهو يستطيع أن يُصدّق على الاتفاقية، مستخدماً حقه الدستورى، فتصبح سارية المفعول، ولكنه يستطيع فى الوقت نفسه أن يتمهل، وأن يُجرى اتصالاً بخادم الحرمين يبلغه فيه بأن الانقسام حول الموضوع فى الشارع غير مسبوق، وأننا أمام قضية شديدة الحساسية بالنسبة للمواطن المصرى العادى، وأن الذهاب للتحكيم سوف يحفظ للمملكة حقها غير منقوص، وسوف يواجه فى اللحظة ذاتها هذا الانقسام ويعالجه فى هدوء.
أظن أن فكرة كهذه لن تكون محل اعتراض لدى السلطة فى الرياض، التى كان أداؤها فى الملف، منذ بدء إثارته إعلامياً، أداء راقياً. هذه كلمة مخلصة لوجه الله، بقدر ما هى مخلصة مع الرئيس، ثم إنها مخلصة مع كل طرف آخر فى القضية!
المصرى اليوم